الأربعاء، 25 يناير 2012

العلم والاخلاقيات



(1) الأخلاقيات والعلم Ethics and Science                       
     يشير رزينك ( Resnik , 1998 , 15 ) أن الأخلاق معيار للسلوك أو قاعدة اجتماعية لإرشاد السلوك ,أما الأخلاقيات فليست معايير للسلوك بل معايير لمهنة أو لوظيفة محددة أو لمؤسسة أو لمجموعة داخل المجتمع, أي أنها معايير للسلوك تطبق على الأفراد الذين يشغلون مهنة معينة .
   إن الأخلاقيات تهتم بما هو صحيح أو خطأ ، حسن أو سيئ ، جائز أو مرفوض ، مذموم أو محمود ، فهي ترتبط بالذنب والسخط والتعاطف والرحمة والرعاية , كما تهتم بشئون السياسية والشخصية ، وتكتسب الأخلاقيات القوة من البيئة الاجتماعية والممارسات والعادات الموضوعة والقانون والدين والضمير الفردي ( Goldfarb & Pritchard ,1999,13 ) .
      أما العلم Science ، فتؤكد النظرة الحديثة للعلم على أنه جسم منظم من المعرفة العلمية وهو طريقة أو منهج في البحث والتفكير وهو مجموعة من القيم والأخلاقيات التي تحكم المنشط العلمي ( خليل الخليلي وعبد اللطيف حيدر ومحمد يونس  ، 1996 ، 9) .
   
    وبذلك فإن هناك علاقة رصينة وهامة بين العلم والأخلاق, فالنشاط العلمي يسعى لتحقيق أهداف الفهم والتفسير والتنبؤ بكل الظواهر الطبيعية أما الأخلاق فتهتم بالمثاليات والمستقبل ، ومن خلال الأخلاق يمكن تطويع النشاط العلمي لخدمة البشرية والارتقاء بها ، فالعلم وتطبيقاته لا يمكن أن يقوما إلا على أساس من الأخلاق والإنسان بأخلاقه وفكرة يمكن أن يصنع العلم ويوجهه توجيهاً أخلاقياً مثالياً ( عادل أبو زهرة ، 2002 ، 37 ) (مروة الباز، 2007، 52).



(2) أخلاقيات العلم        Ethics of  Science
        يشير ( عايش زيتون ، 1994 ، 30 ) إلى أخلاقيات العلم كأحد أبعاد فهم طبيعة العلم ويؤكد أن للعلم قيمة خلقية وهذه القيمة تنتج عن الأسلوب العلمي الذي يفرض على الباحث خصائص معينة وفضائل اجتماعية تقتضيها سلامة المجتمع وتقدمه فالعالم إنسان ينهمك في البحث بأخلاقيات معينة فيتميز بالصدق والصبر والأمانة والتعاون والموضوعية والاعتراف بفضل غيره .
      وأشارت بعض الدراسات ومنها ( فايز عبده ، 1995 ، 143 ) ( عبد الودود مكروم ، 2002 ، 112 ) ، ( ممدوح عبد المجيد ، 2003 ، 287 ) إلى أخلاقيات العلم كإحدى القيم العلمية الدافعة إلى البحث العلمي والحاكمة لتوظيف نتائجه وتكوين الضمير العلمي ، بالإضافة لقيمة تقدير العلماء والتحرر من الخرافات وتقدير النتائج التي نتوصل إليها عن طريق العلم .

     كما توضح دراسة كلاً من ( رمضان الطنطاوي , 1998, 513), و( عفت الطناوي, 1999, 112) أخلاقيات العلم على أنها مجموعة من الضوابط والمعايير والاعتبارات الأخلاقية التي تضمن التعامل  السليم مع التطبيقات العلمية , ويؤدي التمسك بها من قبل الأفراد إلى توجيه المعرفة العلمية وتطبيقاتها لصالح الإنسانية وعدم ظهور المشكلات والقضايا الأخلاقية التي تنجم عن سوء تطبيق العلم .

 وعلى هذا يمكن تعريف أخلاقيات العلم في الدراسة الحالية بأنها :
      مجموعة من القواعد والأحكام العلمية والأخلاقية التي  توجه سلوك الفرد توجيهاً سليماً تجاه القضايا والمشكلات الأخلاقية  التي تثيرها التطبيقات العلمية والتكنولوجية  في المجالات المختلفة,وبالتالي تحديد الإطار السليم لتوجيه المستحدثات العلمية لصالح البشرية (مروة الباز، 2007، 52).

(3) قضايا أخلاقيات العلم         Ethics of Science Issues
      يعرف كلاً من باتريك فوليك وماري راتكلف( Fullick, Patrick & Ratcliffe, Mary , 1996 , 7  ) أخلاقيات العلم ضمن مشروع العلم والأخلاقيات والتربية Science , Ethics , Education Project  بأنها "عملية الاستقصاء العقلاني Rational Enquiry لملاحظة وتفسير الظواهر والعمليات العلمية وما يترتب عليها وما يمكن أن نتخذه من إصدار حكم حول صحة أو خطأ قضية ما والناتجة من تطبيقاتها بالنسبة لبنى البشر وتصرفاتهم حيالها" .
  
     كما يعرف ( رمضان الطنطاوى ، 1998 ، 513 )  قضايا أخلاقيات العلم بأنها " القضايا التي تثيرها المستحدثات العلمية المختلفة والمتعلقة بالتطبيقات العلمية للعلوم الفيزيائية والبيولوجية والطبية ، التي توجد نوعاً من الموافقة أحياناً والرفض غالباً بين هذه التطبيقات والقيم السائدة في مجتمع ما لما يجب عمله وما لا يجب عمله من تلك التطبيقات وتصرفات الناس حيالها " .
    
    كما تعرفها ( عفت الطناوي, 1999, 112) بأنها  "المشكلات التي تثيرها المستحدثات العلمية وتنتج عن التطبيقات التكنولوجية في مجالات العلم المختلفة , ويمثل البعد الأخلاقي جانباً أساسياً فيها , وتثار حولها آراء جدلية ما بين التأييد والمعارضة وذلك لتباين القيم الأخلاقية والمعايير الدينية والقانونية التي تحدد صواب الأمور أو خطأها ".

   ويتفق معها في هذا التعريف ( عبد السلام مصطفى ، 2001 ، 336)  حيث يرى أن أخلاقيات العلم " تهتم بدراسة الموضوعات المرتبطة بالقضايا العلمية والأخلاقية التي تثيرها المستحدثات العلمية وتطبيقات العلوم الفيزيائية والبيولوجية والطبية وتناول قضايا علمية وتكنولوجية واجتماعية مثيرة للجدل وتنال القبول أحياناً والرفض غالباً وتتطلب مجموعة من التوجيهات لصالح الإنسان" .
     مما تقدم يمكن التمييز بين مفهومي أخلاقيات العلم وقضايا أخلاقيات العلم فالعلاقة بينهم علاقة السبب بالنتيجة فالسبب هو أخلاقيات العلم التي يجب أن يلتزم بها جميع أفراد المجتمع من علماء وساسة وعمال وعامة والنتيجة هي قضايا أخلاقيات العلم التي تنشأ نتيجة عدم الالتزام بأخلاقيات العلم ,وفي ضوء  التعريفات السابق ذكرها يمكن تعريف قضايا أخلاقيات العلم في الدراسة الحالية بأنها:
   القضايا التي تثيرها تطبيقات العلم والتكنولوجيا في المجالات المختلفة مثل التسلح ، الصناعة ، إنتاج الغذاء ، الزراعة ، إنتاج الطاقة ، البيئة ، البحث العلمي والتي تتضمن خيارات ذات مضمون أخلاقي وتتطلب من الفرد مزيداً من الاستقصاء والتفكير والتحليل في هذه الخيارات بحيث يستطيع اتخاذ القرار الأخلاقي في هذه القضايا وبالتالي تحديد الإطار السليم لتوجيه مستحدثات العلم والتكنولوجيا لصالح البشرية (مروة الباز، 2007، 52).  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق